برج نيوز

جريدة إلكترونية وطنية شاملة

الرئيسية » الأخبار » إختيار المسلمين التقويم القمري

إختيار المسلمين التقويم القمري


 (التقويم) ضرورة اجتماعية حضارية لا غنى لأية أمة من الأمم عنه في كل مجال من مجالاتنا الحياة اليومية قديماً وحديثاً : الزراعية منها أو الصناعية أو التجارية أو العملية أو غير ذلك ، وفي حالاتنا السلم والحرب والأفراد أو المؤسسات والوزارات ، وقد أحتاج إليه الإنسان منذ فجر التاريخ ، وما زالت هذه الحاجة الملحة تتزايد إليه على مدار الزمن حتى لم يعد بالإمكان تصور حياة الفرد أو المجتمع بدونه .

حيث اتبع العرب قبل الإسلام الحساب القمري ولكنهم لم يعتمدوا تقويماً خاصاً بهم يؤرخون وفقه أحداثهم رغم اعتمادهم السنة القمرية بأشهرها الاثني عشرة ، وقد اعتمدوا في تاريخهم على بعض الأحداث الكبرى ومن ذلك تأريخ بناء الكعبة زمن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام نحو عام 1855 ق.م وانهيار سد مأرب سنة 130 ق.م تقريباً ، وفاة كعب بن لؤي الجد السابع لرسول الله صلى الله عليه وسلم سنة 59 ق.م وأرخوا برئاسة عمرو بن لحي سنة 260 ، وبعام الغدر ، وبعام الفيل وهو أشهرها سنة 571م ، وبحرب الفجار التي وقعت في الأشهر الحرم سنة 585م، وبتاريخ تجديد الكعبة سنة 605م.
وقد اختلفت أسماء الأشهر القمرية إلى أن وصلت إلى صورتها المعروفة عليها من عهد كلاب الجد الخامس للرسول الله صلى الله عليه وسلم كما يذكر البيروني في سنة 412م ، كما استخدم العرب في جاهليتهم الأشهر الشمسية في بعض المناطق وبخاصة في جنوب الجزيرة (أهل اليمن) وكانت سنتهم الشمسية متطابقة مع الأبراج الفلكية الاثني عشر التي تمر بها الشمس بحيث يبدأ كل شهر مع بداية برج معين ، وقد قدم المؤرخون من أمثال : البيروني والمسعودي والمقريزي سلاسل لأسماء الشهور في الجاهلية منها : المؤتمر ، ناجر ، صوان ، حنتم ، زباء ، الأصم ، عادل ، نافق ، واغل ، هراغ ، برك.
أما الشهور الحالية فقد عرفت منذ أواخر القرن الخامس الميلادي، ويشكل محرم بداية السنة الهجرية كما كان عليه الحال قبل ذلك في اعتباره أول السنة القمرية ، وقد لجأ العرب قبل الإسلام إلى نظام النسيء الذي يعطيهم الحق في تأخير أو تسبيق بعض الأشهر المعروفة بالحرم وهي أربعة ( ذو القعدة ، ذو الحجة ، محرم ، رجب) وكان النسأة أي من يتولون شؤون النسيء وهم كنانة يسمون بالقلامس وكان القلمس يعلن في نهاية موسم الحج عن الشهر المؤجل في العام التالي ، وفي ذلك يقول قائلهم.

لنا ناسئ تمشون تحت لوائه *** يحل إذا شاء الشهور ويحرم
ولقد استمرت عادة النسيء حتى جاء الإسلام محرماً إياها: قال تعالى: (إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً …) الآية ، وكان العرب يعتبرون كلا من الشهور الزوجية 29 يوماً ويسمونها ناقصة ، وقد حاول العرب اعتماد سنة قمرية عن طريق كبس السنة القمرية لتصبح معادلة للسنة الشمسية ويقول (البيروني والمقريزي) : إنهم كانوا يضيفون تسعة أشهر كل 24 سنة قمرية ، ويقول المسعودي : إنه كانوا يكسبون كل ثلاث سنوات شهراً وحداً.

قصة التقويم الهجري:

لقد استمر المسلمون فترة من الزمن على ما كانوا عليه من قبل حيث لم تعط السنوات تواريخ رقمية تدل عليها ، وإنما أعطيت أسماء تدل على أشهر الحوادث ، وقد أخذت السنوات العشر التالية للهجرة وحتى وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، الأسماء التالية :
وكان تأسيس عمر للتقويم الهجري من أعظم إنجازاته الحضارية في إطار تنظيم الدولة الإسلامية كما اعتبر التقويم اليولياني من أعظم إنجازات يوليوس قيصر الحضارية ، ولقد مر التقويم الشمسي بمراحل من الأخطاء الفلكية والحسابية وما زال بحاجة إلى التصحيح فالخطأ يحتاج المتخصصون إلى قرون للكشف عن تلك الأخطاء المتراكمة وهذا ما حدث بالفعل.

 السنة الأولى : سنة الإذن (الإذن بالهجرة)

 السنة الثانية : سنة الأمر (الأمر بالقتال)

 السنة الثالثة : سنة التمحيص

 السنة الرابعة : الترفئة

 السنة الخامسة : الزلزال

 السنة السادسة : الاستئناس

 السنة السابعة : الاستغلاب

 السنة الثامنة : الاستواء

 السنة التاسعة : البراءة

 السنة العاشر : الوداع

وكنا نسمع عن عام الطاعون ، أي طاعون عمواس ، وعام الرمادة حتى خلافة عمر بن الخطاب ، فقد ورد في السنة الثالثة من خلافته كتاب من أبي موسى الأشعري عامله على البصرة يقول فيه : (إنه يأتينا من أمير المؤمنين كتب فلا ندرى على أي نعمل وقد قرأنا كتاباً محله شعبان فلا ندري أهو الذي نحن فيه أم الماضي ! عندها جمع عمر أكابر الصحابة للتداول في هذا الأمر ، وكان ذلك في يوم الأربعاء 20 جمادى الآخرة من عام 17هـ ، وانتهوا إلى ضرورة اختيار مبدأ التاريخ الإسلامي، وتباينت الآراء : فمنهم من رأى الأخذ بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنهم من رأى ببعثته ، ومنهم من رأى العمل بتقويم الفرس أو الروم ، لكن الرأي استقر على الأخذ برأي علي بن أبي طالب الذي أشار إلى جعل مبدأ التقويم من هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد اتخذ أول المحرم من السنة التي هاجر الرسول فيها الرسول صلى الله عليه وسلم مبدأ التاريخ الإسلامي ، على الرغم من أن الهجرة لم تبدأ ولم تنته في ذلك اليوم إنما بدأت في أواخر شهر صفر

ووصل رسول الله صلى الله عليه وسلم مشارف المدينة يوم الاثنين الثامن من ربيع الأول ثم دخل المدينة يوم الجمعة 12 من شهر ربيع الأول .

ولم يكن هذا التقويم بدعة حيث نجد التقويم الميلادي قام على مثل هذه الطريقة فقد ولد المسيح عليه السلام في 25 ديسمبر ولكن اختير الأول من يناير السابق له وليس اللاحق مبدأ للسنة الميلادية، لأن يناير كان مبدأ للسنين عند الرومان من قبل، وتوافق بداية التقويم الهجري يوم الجمعة 16 من يوليو 622م. ومن هنا نجد أن للتقويم الإسلامي استقلاليته وخصوصيته ، ويختلف عن تقاويم الأمم الأخرى حيث اعتمد التقويم القمري الرباني تقويماً خاصاً بالأمة الإسلامية ، ولقد كان التقويم اليهودي من قبل قمرياً ثم حوله حاخاماتهم إلى النظام الشمسي المختلط بحيث تكون شهوره قمرية وسنته شمسية.
أما النظام التقويم القمري فيستحيل عليه الخطأ وإن وقع الخطأ من جهة البشر فبإمكان أي إنسان أن يكتشفه في غضون يوم أو يومين ويتم تصحيح العمل به تلقائياً.


كل الحقوق محفوظة لموقع برج نيوز © | متابعة تقنية DJIT Innovations